رفضت المحكمة الجنائية الدولية أمس الجمعة الاستئناف الذي قدّمته إسرائيل لإلغاء أوامر اعتقال أصدرتهما بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن السابق يوآف غالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب، وإبادة ضد الإنسانية، بسبب الحرب على غزة. وتشمل الجرائم، وفق المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان “تجويع المدنيين بكونه أسلوباً من أساليب الحرب، وباعتباره جريمة حرب، وتعمد إحداث معاناة شديدة، أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة، والقتل العمد، وتعمد توجيه هجمات على السكان المدنيين باعتباره جريمة، والإبادة أو القتل العمد، والاضطهاد باعتباره جريمة ضد الإنسانية، وأفعال لا إنسانية أخرى”.
وفي قرار تصدر عناوين الصحف العالمية، قضت المحكمة الجنائية الدولية في نوفمبر/ تشرين الثاني بأن هناك “أسباباً معقولة” تدعو إلى الاعتقاد أن نتنياهو وغالانت يتحملان “مسؤولية جنائية” عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة. وكانت إسرائيل قد طلبت من المحكمة في مايو/أيار الماضي إلغاء أوامر الاعتقال، بينما كانت تراجع تحدياً منفصلاً بشأن ما إذا كانت المحكمة الجنائية الدولية لديها اختصاص في هذا الشأن. ورفضت المحكمة الطلب الإسرائيلي في 16 يوليو/تموز، مقدّرة أنه “لا يوجد أساس قانوني” لإلغاء أوامر الاعتقال حتى تُبَت مسألة الاختصاص القضائي. وبعد أسبوع، حاولت إسرائيل الحصول على استئناف للحكم، لكن القضاة قضوا الجمعة بأن “القضية، كما صاغتها إسرائيل، ليست قابلة للاستئناف”
وأكد المتحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية فادي العبدالله، أن تجميد عمل المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لا يلغي أوامر القبض والاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق نتنياهو وغالانت. وقال في مقابلة مع “العربي الجديد” في الدوحة على هامش “المؤتمر الدولي حول حماية الصحافيين في النزاعات المسلحة” الأسبوع الماضي، إن إجراءات التقاضي لا تزال مستمرة. وأُوقِف المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية عن ممارسة مهماته مؤقتاً في شهر مايو/ أيار الماضي بسبب إجراء تحقيق بحقه، وأعلن مكتب خان أنه قرر التنحي مؤقتاً عن منصبه مع اقتراب انتهاء تحقيق تجريه الأمم المتحدة بشأن مزاعم تتعلق بسوء سلوك جنسي.
وفي معرض تعليقه على عدم تطبيق أي دولة حتى الآن قرار المحكمة الجنائية بالقبض على نتنياهو وغالانت، قال العبدالله لـ”العربي الجديد”: “هناك واجب قانوني على الدول المنضمة إلى نظام روما للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، بما في ذلك تنفيذ أوامر القبض والاعتقال. إذا ارتأت هذه الدول أن هناك ما يمنعها من تنفيذ أوامر الاعتقال، ينبغي لها أن تقدّم التماساً إلى قضاة المحكمة الجنائية لإعفائها من تنفيذ قرار الاعتقال”.
وأوضح أنه “ليس من حق الدول الأعضاء في نظام روما أن تقرر تطبيق قرار الاعتقال أو عدم تطبيقه، فالأمر يعود لقضاة المحكمة أنفسهم. وعندما ننظر إلى تجربة المحكمة الجنائية الدولية أو تجارب المحاكم الأخرى السابقة، سنرى أن هناك عاملاً مهماً جداً في القضاء الدولي يتمثل في أن الجرائم لا تسقط بالتقادم وبمرور الزمن، وهذا يعني أن الأوامر الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية ستظل سارية المفعول مدى الحياة إذا لزم الأمر أو قرر قضاة المحكمة الجنائية أنفسهم إلغاءها لسبب قانوني مقنع”.