أخبار عاجلة

مقتل 33 واعتقال بروفيسور بشيبته.. حرب الحوثيين الممنهجة على العقول اليمنية

مأرب اليوم _ صنعاء –الاربعاء 12 نوفمبر 2025
تحقيق استقصائي خاص – إعداد: مأرب اليوم / أحمد حوذان

لم يعد مشروع جماعة الحوثي الموالية لإيران يقتصر على السيطرة العسكرية فحسب، بل تمدد ليخوض معركة خفية ضد الوعي والتعليم في اليمن. إذ تشن الجماعة حربًا منهجية على العقول الأكاديمية والتربوية، في محاولة لإطفاء نور التعليم واستبداله بظلام الجهل، بما يضمن استمرار هيمنتها الفكرية والسياسية.

أحدث فصول هذه الحرب تمثّل في اختطاف البروفيسور البارز حمود العودي، أحد أبرز رموز الفكر اليمني، في واقعة أثارت صدمة في الأوساط الأكاديمية والثقافية، واعتُبرت دليلاً جديدًا على أن الجماعة لا تتورع عن استهداف العلماء والمفكرين، مهما كانت مكانتهم أو أعمارهم.

من الاغتيال إلى الإخفاء.. عشر سنوات من حرب العقول

تؤكد تقارير حقوقية محلية ودولية أن استهداف الأكاديميين في مناطق سيطرة الحوثيين أصبح نهجًا ممنهجًا لا مجرد تجاوزات فردية.

وبحسب منظمة “رايتس رادار” (Rights Radar)، فقد شهدت الفترة بين عامي 2014 و2024 مقتل 33 أكاديميًا، وإصابة 98 آخرين، إضافة إلى اختطاف أو إخفاء أكثر من 630 أكاديميًا ومعلمًا. كما تم فصل 160 أستاذًا جامعيًا تعسفيًا من جامعة صنعاء وحدها عام 2018.

هذه الانتهاكات، التي شملت القتل والتعذيب والإخفاء والحرمان من العمل، تُظهر أن الحرب الحوثية لم تعد ضد الخصوم العسكريين فقط، بل ضد الوعي نفسه.

البروفيسور العودي.. عندما يصبح قول الحق جريمة

حادثة اختطاف الدكتور حمود العودي، المعروف بشيبته ومكانته العلمية، شكّلت منعطفًا خطيرًا في مسار القمع الحوثي.

يقول الدكتور عبده مدهش الشقري لـ”مأرب اليوم”:

> “الميليشيات لا تعرف حرمة القانون ولا حرمة العلماء. أن يصل بها الأمر لاختطاف بروفيسور بحجم العودي، رغم سنّه ومكانته، فهذا مؤشر خطير.”

ويضيف الشقري:

> “العودي لم يُختطف لأنه معارض، بل لأنه قال الحقيقة: الساكت عن الحق شيطان أخرس. وهذا كافٍ ليُعتبر مجرمًا في عرف المليشيا التي تتغذى على القمع والترهيب.”

“الجهل خط الدفاع الأول”.. استراتيجية السيطرة

يرى خبراء وأكاديميون أن الجماعة الحوثية تدرك أن المعرفة والوعي هما الخطر الأكبر على مشروعها العقائدي.

ويؤكد الدكتور محمد المصباحي أن:

> “مشروع الحوثي لا يمكن أن يستمر إلا في بيئة يسودها الجهل. لذلك تحارب المعلم والمثقف، لأنهما يوقظان وعي الناس.”

أما الدكتور عبدالعزيز عيدان فيقول إن “الميليشيا لا تعيش إلا في الظلام. كلما زاد وعي المجتمع، انكشف زيفها.”

في حين يرى الدكتور فاروق الصباري، عميد مركز اللغات بجامعة إقليم سبأ، أن “جماعة الحوثي لا تريد تعليمًا حقيقيًا، بل تجهيلًا منظّمًا يعيد الناس إلى الوراء مئة عام.

تدمير مؤسسات التعليم.. الجامعات في قبضة الولاء

لم تقتصر الحرب الحوثية على الأفراد، بل طالت مؤسسات التعليم العالي نفسها.

يقول الدكتور عبدالله البكري، رئيس جامعة حجة:

> “منذ نشأتها والجماعة تستهدف التنوير. من يعلّم الجيل مفاهيم الحرية والمواطنة يصبح عدوًا لها.”

وأكدت ناشطة حقوقية – فضّلت عدم ذكر اسمها – أن “الجامعات تُدار اليوم من قبل عناصر غير مؤهلة أكاديميًا، لكنها موالية للجماعة. يتم طرد الأساتذة الأكفاء واستبدالهم بخريجي الدورات الطائفية.”

ويختصر أحد الأكاديميين المشهد بقوله:

> “إما أن تردد شعارات الحوثي، أو تُتهم بالخيانة.”

خاتمة.. نحو جيل فاقد الهوية

يرى المراقبون أن أخطر ما في هذه الحرب هو ما تخلّفه على المدى البعيد، إذ سيولد عنها جيل فاقد للهوية الوطنية، منقطع عن قيم المواطنة والعلم.

ويحذر الأكاديميون من أن استمرار هذا التجريف سيُنتج “كارثة فكرية” تتجاوز آثار الحرب العسكرية، ما لم يُتخذ موقف دولي لحماية التعليم والعقول اليمنية من التدمير الممنهج.