مأرب _أحمد حوذان _الاثنين _25_11_2025
لم يكن البازار السادس لعرض منتجات النساء المتدربات في مأرب مجرد فعالية عابرة، بل كان بمثابة “شهادة ميلاد” لآلاف النساء اليمنيات اللاتي حوّلن أوجاع النزوح والعنف إلى منتجات تكسر القيد الاقتصادي والرقمي.
تحت شعار “معاً لدعم منتجات النساء وتمكينهن اقتصادياً”، دشّن وكيل محافظة مأرب، عبدالله الباكري، البازار الممول من صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA)، والذي تنفذه جمعية الوصول الإنساني. وقد مثّل الحضور الرسمي دفعاً قوياً لجهود نساء أثبتن أن التمكين هو الرد الأقوى على الظروف القاسية.
وعد حكومي وتحدٍ يهدد الاستدامة
في كلمته، أعلن الوكيل عبدالله الباكري التزام السلطة المحلية بـ “بذل كل السبل لدعم وتمكين المرأة وتسهيل كل السبل لها”. هذا الوعد جاء استجابة لنداء عاجل أطلقه مدير المشروع، الأستاذ عبدالله جابر.
”آلاف النساء أصبحن مُنتِجات، لكننا نواجه تحدياً كبيراً جداً: عدم توفر أو وجود سوق أو مكان خاص لمنتجات النساء،” هكذا صرّح جابر لـ [مأرب اليوم ]، موضحاً أن عدم وجود منصة تسويقية دائمة يجبر النساء على البيع من المنازل، ما يعيق اكتفاءهن الذاتي الكامل. وناشد جابر رواد الأعمال والمنظمات الدولية لـ”التكاتف والتآزر” لمعالجة هذه الفجوة التي تهدد استمرارية مشاريع التمكين.

قاهرة الابتزاز: من خياطة إلى صيانة الجوال
ما جعل هذا البازار الأكثر تأثيراً هو التركيز على زاوية “الحماية من الابتزاز الإلكتروني”. فإلى جانب الأركان التقليدية كـ “الخياطة” و”المعجنات” (بمنتجات تُباع بـ نصف سعر السوق)، سطع نجم ركن صيانة الجوالات.
الشابة أسماء شرهان، نازحة من الوادي، تحوّلت من مستفيدة إلى “منقذة إلكترونية”. تقول أسماء: “بعض النساء إذا تعطل جوالها تكسره أو تضعه في الدرج خوفاً من الصور الخاصة. الآن، بعد أن عرفن، يأتين إليّ وانا قريبة مخيمات النزوح … نحن نقوم بهذا الدور كـخاص للمرأة، نحمي خصوصياتهن في هذا المجال.” هذا التخصص يضمن للمرأة الأمان، حيث تفضل النساء التعامل مع فنية صيانة أنثى بدل الذهاب إلى محلات الرجال غير المضمونة.
”القوة التي ظهرت بعد المعاناة”
الجانب النفسي للمشروع لا يقل أهمية عن الاقتصادي. الأخصائية النفسية بغداد، أكدت أن البازار هو تتويج لمسار شاق من العلاج والدعم النفسي والقانوني.
”هذه المخرجات هي لنساء عانين أشد أنواع الإساءة، أشد أنواع الابتزاز والقساوة،” تقول بغداد. “هذه هي القوة التي ظهرت بعد هذه المعاناة، لُتثبت للمجتمع أنهن نساء ناجحات وفعاليات.”
بدورها، وجهت النازحة أم صدام حسين، المتخصصة في النقش، رسالة إلى كل ربة أسرة: “المرأة لازم تكافح وتشتغل عمل يدها، لأن العمل مش عيب. نشتغل عشان أسرتنا وعشان نمشي بظروف صعبة.”
معايير صارمة وكلمة شكر
رداً على أي ادعاءات بوجود محسوبيات، أكد مسؤولو المشروع، ومن بينهم المدربة شادية، أن الاستهداف يتم بـ “معايير جودة عالية” تبدأ بالنزول الميداني وحلقات النقاش في المخيمات، وتخضع النساء لتقييم نفسي واجتماعي وقانوني، لضمان وصول الدعم إلى “النساء الأشد فقرًا وضعفًا واحتياجاً، اللاتي يَعِلن أطفالاً ولا يوجد لديهن مُعيل”.
وفي ختام هذا العرض المُلهم، عبرت النساء المستفيدات عن شكرهن العميق لكل من دعمهن في هذه الرحلة التحولية، مؤكدات أن هذا الدعم لم يمنحهن سبل العيش فحسب، بل أعاد لهن كرامتهن وقوتهن.

مارب اليوم مارب اليوم منصة إخبارية رائدة تنقل الحقيقة بمهنية وتقدم تغطية دقيقة وموثوقة للأحداث من مأرب واليمن إلى العالم
